الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الكامل في التاريخ (نسخة منقحة)
.ذكر الخلف بإفريقية: فلما دخلت سنة خمس وثلاثين سير إليه ابن الأغلب جيشاً، فالتقوا بالقرب من تونس، ففارق جيش ابن الإلب جمع كثير، وقصدوا القويع فصاروا معه، فانهزم جيش ابن الأغلب وقوي القويع؛ فلما دخلت سنة ست وثلاثين سير محمد بن الأغلب إليه جيشأن فاقتتلوأن فانهزم القويع، وقتل من أصحابه مقتلة عظيمة، وأدرك القويع إنسان، فضرب عنقه، ودخل جيش ابن الأغلب مدينة تونس بالسيف في جمادى الأولى. .ذكر عدة حوادث: وفيها توفي جعفر بن مبشر بن أحمد الثقفي المتكلم، أحد المعتزلة البغداديين، وله مقالة يتفرد بها. وفيها توفي أبوخيثمة زهير بن حرب في شعبان، وكان حافظاً للحديث؛ وأبوأيوب سليمان بن داود بن بشر المقرئ البصري المعروف بالشاذكوني بأصبهان. وفيها توفي علي بن عبد الله بن جعفر المعروف المديني الحافظ، وقيل سنة خمس وثلاثين ومائتين، وهوإمام ثقة، وكان والده ضعيفاً في الحديث؛ وإسحاق ابن إسماعيل الطالقاني، ويحيى بن أيوب المقابري، وأبوبكر بن أبي شيبة، وأبوالربيع الزهراني. .حوادث سنة خمس وثلاثين ومائتين: .ذكر قتل إيتاخ: وأرسل إيتاخ إلى إسحاق: قد علمت ما أمرني به المعتصم والواثق في أمرك، وكنت أدافع عنك، فليشفعني ذلك عندك في ولدي، فأما أنا فقد مر بي شدة ورخاء، فما أبالي ما أكلت وما شربت، وأما هذان الغلامان فلم يعرفا البؤس، فاجعل لهما طعاماً يصلحهما. ففعل إسحاق ذلك، وقيد إيتاخ، وجعل في عنقه ثمانين رطلأن فمات في جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثين ومائتين، وأشهد إسحاق جماعة من الأعيان أنه لا ضرب به ولا اثر. وقيل كان سبب موته أنهم أطعموه ومنعوه الماء حتى مات عطشاً؛ وأما ولداه فإنهما بقيا محبوسين حياة المتوكل، فلما ولي المنتصر أخرجهمأن فأما مظفر فبقي بعد أن خرج من السجن ثلاثة أشهر ومات، وأما منصور فعاش بعده. .ذكر أسر ابن البعيث وموته: فقال المتوكل لبعض أصحابه: إن عنده لأدبأن فقال: بل يفعل أمير المؤمنين ويمن عليه، فأمر برده، فحبس مقيدأن وقيل إن المعتز شفع فيه إلى أبيه فأطلقه، وكان ابن البعيث قد قال حين هرب: ومات ابن البعيث بعد دخوله سامرا بشهر، قيل كان قد جعل في عنقه مائة رطل، لم يزل على وجهه حتى مات، وجعل بنوه: جليس، وصقر، والبعيث، في عداد الشاكرية مع عبيد الله بن يحيى بن خاقان. .ذكر البيعة لأولاد المتوكل بولاية العهد: فأما المنتصر فأقطعه إفريقية والمغرب كله، والعواصم، وقنسرين، والثغور جميعهأن الشامية والجزرية، وديار مضر، وديار ربيعة، والموصل، وهيت، وعانة، والأنبار، والخابور، وكور باجرمى، وكور دجلة، وطساسيج السواد جميعهأن والحرمين، واليمن، وحضر موت، واليمامة، والبحرين، والسند، ومكران، وقندابيل، وفرج بيت الذهب، وكور الأهواز، والمستغلات سامرأن وماه الكوفة، وماه البصرة، وماسبذان، ومهرجانقذق، وشهرزور، والصامغان، وأصبهان، وقم، وققاشان، والجبل جميعه، وصدقات العرب بالبصرة. وأما المعتز فأقطعه خراسان وما يضاف إليهأن وطبرستان، والري، وأرمينية، وأذربيجان، وكور فارس، ثم أضاف إليه في سنة أربعين خزن الأموال في جميع الآفاق، ودور الضرب، وأمر أن يضرب اسمه على الدراهم. وأما المؤيد فأقطعه جند حمص وجند دمشق، وجند فلسطين. .ذكر ظهور رجل ادعى النبوة: .ذكر ما كان بالأندلس من الحوادث: وفيها ثار أهل تاكرنا ومن يليهم من البربر، فسار إليهم جيش عبد الرحمن، صاحب الأندلس، فقاتلهم؛ وأوقع بهم، وأعظم النكاية فيهم. وفيها سير عبد ارحمن ابنه المنذر في جيش كثيف لغزوالروم، فبلغوا ألبه. وفيها كان سيل عظيم في رجب، في بلاد الأندلس، فخرب جسر استجبة، وخرب الأرحاء، وغرق نهر إشبيلية ست عشرة قرية، وخرب نهر تاجة ثماني عشرة قرية، وصار عرضه ثلاثين ميلأن وكان هذا حدثاً عظيماً وقع في جميع البلاد في شهر واحد. وفيها هلك ردمير بن أذفونس في رجب، وكانت ولايته ثمانية أعوام. وفيها هلك أبوالسول الشاعر سعيد بن يعمر بن علي بسرقسطة. .ذكر عدة حوادث: وفيها مات الحسن بن سهل، كان شرب دواء، فأفرط عليه، فحبس الطبع، فمات، وكان موته، وموت إسحاق بن إبراهيم في ذي الحجة في يوم واحد؛ وقيل مات الحسن في سنة ست وثلاثين. ة فيها في ذي الحجة تغير ماء دجلة إلى الصفرة ثلاثة أيام، ففزع الناس، ثم صار في لون ماء المدود. وفيها أتى المتوكل يحيى بن عمر بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عليه السلام. وكان قد جمع ببعض النواحي، فاخذ، وحبس، وضرب، وحج بالناس هذه السنة محمد بن داود. وفيها مات إسحاق بن إبراهيم الموصلي، صاحب الألحان والغناء، وكان فيه علم وأدب، وله شعر جيد؛ وعبيد اله بن عمر بن ميسرة الجشمي القواريري في ذي الحجة؛ وإسماعيل بن علية ومنصور بن أبي مزاحم؛ وسريج بن يونس أبوالحرث. سريج بالسين المهملة والجيم. .حوادث سنة ست وثلاثين ومائتين: .ذكر مقتل محمد بن إبراهيم: وكان سبب ذلك أن إسحاق أرسل ولده محمد بن إسحاق بن إبراهيم إلى باب الخليفة ليكون نائباً عنه ببابه، فلما مات إسحاق عقد المعتز لابنه محمد بن إسحاق على فارس، وعقد له المنتصر على اليمامة والبحرين وطريق مكة في المحرم من هذه السنة، وضم إليه المتوكل أعمال أبيه كلهأن وحمل إلى المتوكل وأولاده من الجواهر التي كانت لأبيه، والأشياء النفسية، كثيراً. وكان عمه محمد بن إبراهيم على فارس، فلما بلغه ما صنع المتوكل وأولاده بابن أخيه ساءه ذلك، وتنكر للخليفة ولابن أخيه؛ فشكا محمد بن إسحاق ذلك إلى المتوكل، فأطلقه في عمه ليفعل به ما يشاء، فعزله عن فارس، واستعمل مكانه ابن عمه الحسين بن إسماعيل بن إبراهيم بن مصعب، وأمره بقتل عمه محمد بن إبراهيم. فلما سار الحسين إلى فارس أهدى إلى عمه يوم النيروز هدايأن وفيها حلوى فأكل محمد منهأن وأدخله الحسين بيتأن ووكل عليه، فطلب الماء ليشرب فمنع منه، فمات بعد يومين. .ذكر ما فعله المتوكل بمشهد الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام: وكان المتوكل شديد البغض لعلي بن أبي طالب، عليه السلام، ولأهل بيته، وكان يقصد من يبلغه عنه أنه يتولى علياً وأهله بأخذ المال والدم؛ وكان من جملة ندمائه عبادة المخنث، وكان يشد على بطنه، تحت ثيابه، مخدة، ويكشف رأسه، وهوأصلع، ويرقص بين يدي المتوكل، والمغنون يغنون: قد أقبل الأصلع البطين، خليفة المسلمين. يحكي بذلك عليأن عليه السلام، والتوكل يشرب، ويضحك، ففعل ذلك يومأن والمنتصر حاضر، فأومأ إلى عبادة يتهدده، فسكت خوفاً منه، فقال المتوكل: ما حالك؟ فقام واخبره، فقال المنتصر: يا أمير المؤمنين إن الذي يحكيه هذا الكاتب، ويضحك منه الناس، هوابن عمك، وشيخ أهل بيتك، وبه فخرك، فكل أنت لحمه، إذا شئت، ولا تطعم هذا الكلب وأمثاله منه! فقال المتوكل للمغنين: غنوا جميعا: فكان هذا من الأسباب التي استحل بها المنتصر قتل المتوكل. وقيل إن المتوكل كان يبغض من تقدمه من الخلفاء: المأمون، والمعتصم، والواثق في محبة علي وأهل بيته؛ وإمنا كان ينادمه ويجالسه جماعة ن اشتهروا بالنصب، والبغض لعلي، منهم: علي بن الجهم، الشاعر الشامي، من بني شامة ابن لؤي؛ وعمر بن فرح الرخجي؛ وأبوالسمط من ولد مروان بن أبي حفصة، من موالي بني أمية؛ وعبد الله بن محمد بن داود الهاشمي المعروف بابن أترجة. وكانوا يخوفونه من العلويين، ويشيرون عليه بإبعادهم، والإعراض عنهم، والإساءة إليهم، ثم حسنوا له الوقيعة في أسلافهم الذين يعتقد الناس علومنزلتهم في الدين، ولم يبرحوا به حتى ظهر منه ما كان، فغطت هذه السيئة جميع حسناته، وكان من أحسن الناس سيرة، ومنع الناس من القول بخلق القرآن إلى غير ذلك من المحاسن. .ذكر عدة حوادث: وفيها حج المنتصر بالله، وحجت معه جدته أم المتوكل. وفيها هلك أبوسعيد محمد بن يوسف الروزي فجأة، وكان عقد له على أرمينية، وأذربيجان، فلبس أحد خفيه، ومد الآخر ليلبسه، فمات، فولى المتوكل ابنه يوسف ما كان إلى أبيه من الحرب؛ وولاه خراج الناحية، فسار إليها وضبطها، وحج بالناس هذه السنة المنتصر. وفيها خرج حبيبة البربري بالأندلس بجبال الجزيرة، واجتمع إليه جمع كثير، فأغاروأن واستطالوأن فسار إليهم جيش من عبد الرحمن، فقاتلهم، فهزمهم، فتفرقوا. وفيها غزا جيش بالأندلس بلاد برشلونة، فقتلوا من أهلهأن فأكثروأن وأسروا جماً غفيرأن وغمنوأن وعادوا سالمين. وفيها توفي هدبة بن خالد، وسنان الأبلي، وإبراهيم بن محمد الشافعي. وفيها توفي مصعب بن عبد اله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ابن العوام أبوعبد الله المدني، وكان عمره ثمانين سنة، وهوعم الزبير بن بكار، وكان عالماً فقيهأن إلا أنه كان منحرفاً عن علي، عليه السلام. وفيها أيضاً توفي منصور بن المهدي، ومحمد بن إسحاق بن محمد المخزومي المسيبي البغدادي، وكان ثقة. وفيها توفي جعفر بن حرب الهمذاني أحد أئمة المعتزلة البغداديين، وعمره تسع وخمسون سنة، وأخذ الكلام عن ابن أبي الهذيل العلاف البصري. .حوادث سنة سبع وثلاثين ومائتين: .ذكر وثوب أهل أرمينية بعاملهم: وكان سبب ذلك أن يوسف لما سار إلى أرمينية خرج إليه بطريق له بقراط بن أشوط، ويقال له بطريق البطارقة، يطلب الأمان، فأخذه يوسف وابنه نعمة، فسيرهما إلى باب الخليفة، فاجتمع بطارقة أرمينية مع ابن أخي بقراط بن أشوط، وتحالفوا عن قتل يوسف، ووافقهم على ذلك موسى بن زرارة، وهوصهر بقراط على ابنته، فأتى الخبر يوسف، ونهاه أصحابه عن المقام بمكانه، فلم يقبل، فلما جاء الشتاء، ونزل الثلج، مكثوا حتى سكن الثلج، ثم أتوه وهوبمدينة طرون، فحصروه بهأن فخرج إليهم من المدينة فقاتلهم، فقتلوه وكل من قاتل معه، وأما من لم يقاتل معه فقالوا له: انزع ثيابك، وانج بنفسك عريانأن ففعلوأن ومشوا حفاة عراة، فهلك أكثرهم من البرد، وسقطت أصابع كثير منهم، ونجوأن وكان ذلك في رمضان. وكان يوسف قبل ذلك قد فرق أصحابه في رساتيق عمله، فوجه إلى كل طائفة منهم طائفة من البطارقة، فقتلوهم في يوم واحد. فلما بلغ المتوكل وجه بغا الكبير إليهم، طالباً بدم يوسف، فسار إليهم على الموصل والجزيرة، فبدأ بأرزن، وبها موسى بن زرارة، وله إخوة: إسماعيل، وسليمان، وحمد، وعيسى، ومحمد، وهارون، فحمل بغا موسى بن زرارة إلى المتوكل، وأباح قتلة يوسف، فقتل منهم زهاء ثلاثين ألفأن وسبى منهم خلقاً كثيرأن فباعهم وسار إلى بلاد الباق، فأسر أشوط بن حمزة أبا العباس، صاحب الباق، والباق من كورة البسفرجان، ثم سار إلى مدينة دبيل من أرمينية فأقام بها شهرأن ثم سار إلى تفليس فحصرها. .ذكر غضب المتوكل على ابن أبي دؤاد وولاية ابن أكثم القضاء: وكان أبوهم أحمد بن أبي دؤاد قد فلج، وأحضر المتوكل يحيى بن أكثم من بغداد إلى سامرأن ورضي عنه، وولاه قضاء القضاة، ثم ولاه المظالم، فولى يحيى بن أكثم قضاء الشرقية حيان بن بشر، وولى سوار بن عبد الله العنبري قضاء الجانب الغربي، وكلاهما أعور، فقال الجماز: .ذكر ولاية العباس بن الفضل صقلية وما فتح فيها: فلما قدم إليه عهده بولايته خرج بنفسه وعلى مقدمته عمه رباح، فأرسل في سرية إلى قلعة أبي ثور، فغمن، وأسر وعاد، فقتل الأسرى، وتوجه إلى مدينة قصريانة، فنهب، وأحرق، وخرب ليخرج إليه البطريق، فلم يفعل، فعاد العباس. وفي سنة ثمان وثلاثين ومائتين خرج حتى بلغ قصريانة ومعه جمع عظيم، فغمن، وخرب، وأتى قطانية، وسرقوسة، ونوطس، ورغوس، فغمن من جميع هذه البلاد، وخرب وأحرق، ونزل على بثيرة، وحصرها خمسة أشهر، فصالحه أهلها على خمسة آلاف رأس. وفي سنة اثنتين وأربعين سار العباس في جيش كثيف، ففتح حصوناً خمسة؛ وفي سنة ثلاث وأربعين سار إلى قصريانة، فخرج أهلهأن فلقوه، فهزمهم، وقتل فيهم فأكثر، وقصد سرقوسة وطبرمين وغيرهمأن فنهب، وخرب، واحرق، ونزل على القصر الجديد وحصره، وضيق على من به من الروم، فبذلوا له خمسة عشر ألف دينار، فلم يقبل منهم، وأطال الحصر، فسلموا إليه الحصن على شرط أن يطلق مائتي نفس، فأجابهم إلى ذلك، وملكه، وباع كل من فيه سوى مائتي نفس، وهدم الحصن. .ذكر فتح قصريانة: وسبب فتحها أن العباس سار في جيوش المسلمين إلى مدينة قصريانة، وسرقوسة، وسير جيشاً في البحر، فلقيهم أربعون شلندي للروم، فاقتتلوا أشد قتال، فانهزم الروم، واخذ منهم المسلمون عشر شلنديات برجالهأن وعاد العباس إلى مدينته. فلما كان الشتاء سير سرية، فبلغت قصريانة، فنهبوأن وخربوأن وعادوا ومعهم رجل كان له عند الروم قد ومنزلة، فأمر العباس بقتله، فقال: استبقني، ولك عندي نصيحة! قال: وما هي؟ قال: أملكك قصريانة، والطريق في ذلك أن القوم في هذا الشتاء وهذه الثلوج آمنون من قصدكم إليهم، فهم غير محترسين، ترسل معي طائفة من عسكركم حتى أدخلكم المدينة. فانتخب العباس ألفي فارس أنجاد أبطال، وسار إلى أن قاربهأن وكمن هناك مستترأن وسير عمه رباحاً في شجعانهم، فساروا مستخفين في الليل، والرومي معهم مقيد بين يدي رباح، فأراهم الموضع الذي ينبغي أن يملك منه، فنصبوا السلاليم، وصعدوا الجبل، ثم وصلوا إلى سور المدينة، قريباً من الصبح، والحرس نيام، فدخلوا من نحوباب صغير فيه، يدخل منه الماء وتلقى فيه الأقذار، فدخل المسلمون كلهم، فوضعوا السيف في الروم، وفتحوا الأبواب. وجاء العباس في باقي العسكر، فدخلوا المدينة وصلوا الصبح يوم الخميس منتصف شوال، وبنى فيها في الحال مسجدأن ونصب فيه منبرأن وخطب فيه يوم الجمعة، وقتل من وجد فيها ن المقاتلة، وأخذوا ما فيها من بنات البطارقة بحليهن، وأبناء الملوك، وأصابوا فيها ما يعجز الوصف عنه، وذل الشرك يومئذ بصقلية ذلاً عظيماً. ولما سمع الروم أرسل ملكهم بطريقاً من القسطنطينية في ثلاثمائة شلندي وعسكر كثير، فوصلوا إلى سرقوسة، فخرج إليهم العباس من المدينة، ولقي الروم، وقاتلهم، فهزمهم، فركبوا في مراكبهم هاربين، وغمن المسلمون منهم مائة شلندي، وكثر القتل فيهم، ولم يصب من المسلمين ذلك اليوم غير ثلاثة نفر بالنشاب. وفي سنة ست وأربعين ومائتين نكث كثير من قالع صقلية وهي: وسطر، وابلأن وابلاطنوأن وقلعة عبد المؤمن، وقلعة البلوط، وقلعة أبي ثور، وغيرها من القالع، فخرج العباس إليهم، فلقيهم عساكر الروم، فاقتتلوأن فانهزم الروم، وقتل منهم كثير. وسار إلى قلعة عبد المؤمن وقلعة ابلاطنوأن فحصرهأن فأتاه الخبر بأن كثيراً من عساكر الروم قد وصلت، فرحل إليهم، فالتقوا بجفلودى، وجرى بينهم قتال شديد، فانهزمت الروم، وعادوا إلى سرقوسة، وعاد العباس إلى المدينة، وعمر قصريانة، وحصنهأن وشحنها بالعساكر. وفي سنك سبع وأربعين ومائتين سار العباس إلى سرقوسة، فغمن وسار إلى غيران قرقنة، فاعتل ذلك اليوم، ومات بعد ثلاثة أيام، ثالث جمادى الآخرة، فدفن هناك فنبشه الروم، وأحرقوه، وكانت ولايته إحدى عشرة سنة، وأدام الجهاد شتاء وصيفأن وغزا أرض قلورية وانكبردة وأسكنها المسلمين.
|